بما ان الغدة النخامية هى مايسترو الغدد فى الجسم فمفيش منها اتنين لان المركب اللى فيه ريسين يغرق
كون ان مفيش منها اتنين فى الدماغ وان كل مكان اخر فى المخ له توامه وكمان موجودة فى وسط الجسم (midline ) ده اللى دفع (برر ) ديكارت اعتقاد انها مكان تلاقى القوى العقلية والقوى المادية !
اثناء مراقبته لتشريح الدماغ كانت بتشغله مسألة فلسفية مهمة الا وهى ثنائية العقل والجسد ودراسته لعلاقة التاثير والتاثر بين الاتنين باعتبارهم عالمين متباينين يعنى ازاى بمجرد انى افكر فى انى ارفع ايدى ترتفع والعكس ازاى شيئ مادى يصيبنى بالالم ؟!
طبعا ديكارت لا يتصور الدماغ بعملياته الحيوية هو الاساس للوعى (او حتى ان الوعى مجرد عمليات حيوية فى المخ ودى النظرة المادية اللى مش هنتكلم عنها هنا ) اذ يظنه شيئا مستقلا واعى واحيانا يتلاقى مع الجسد الهامد الجامد الميت الغير واعى
عشان كده اول ما شاف الغدة النخامية فى الوسط قال تاهت ولقيناها هو ده المكان اللى بيحصل تلاقى ما بين العقل الواعى والجسم
بالرغم من ان طالب فى تانية طب ممكن يشوف ان ده كلام فارغ بس المحاولات متوقفتش لحد دلوقت عن البحث عن مكان اتصال العقل والنفس (الروح ) بالجسد
وفى احد مجادلات جون اكلز (john eccles) الحائز على نوبل 1963 فى النيوروبيولوجى neurobiology ان النفس تتصل مع الدماغ فى المنطقة (6) premotor area وكانت حجته كالاتى :
اذا طلبنا من شخص عمل بسيط مثل ان يلامس اصابع يده اليمنى بابهامه فسيظهر motor area (4) درجة عالية من النشاط اما اذا طلبنا من الشخص مجرد التفكير فى تلك العملية فستتوقف منطقة الحركة عن نشاطها وسيزداد نشاط المنطقة ما قبل حركية (6)
*ديكارت كان تصوره للعقل كتصور الشرق للروح شيئ خالد وده اللى وقتها حل النزاع جزئيا بين اللاهوتيين والعلماء حيث انشغل اللاهوتيين بالعقل وانشغل العلماء ببحث طبيعة الاشياء
بمناسبة الكلام عن ثنائية الروح (العقل) والجسد ففى نقطة مهمة حابب اثيرها بما اننا اتكلما عن الموضوع خصوصا عند المثقفين العرب او كما يحلو لجورج طرابيشى ان يطلق عليهم (الانتلجاسيا ) او صناع الثقافة والمؤثرين على مسارها
والنقطة دى هى مكان تلاقى الروح (باعتبارها كتصور ديكارت للعقل شيئ خالد ومنفصل عن الجسد ) مع الجسد
تجد اغلب هؤلاء المثقفين متمسكين بان عضو القلب (heart muscle ) هو مركز التعقل !!!
طبعا النقطة دى عارية عن الصحة العلمية بغض النظر انها مجرد (تأويل ) وتفسير ظاهرى لايات قرانية
ليه بقول تأويل هنعرف فى الاخر
احد المثقفين دول (فى كتير جدا غيرهم ده غير ان النقطة دى ثابتة عند الشباب المتلقى كمان ) هما الفيلسوف الاسلامى المغربى (ان صح ارتباط فيلسوف بصفة اسلامى ) طه عبد الرحمن فى احد حواراه كان بيذكر ان النقطة دى اساس لاحد كتبه اللى اتكلم فيها عما يسمى التكوثر العقلى
واحد تانى ظهر بظهور الالحاد هو الدكتور !!! عمرو شريف
طبعا انا مش هتكلم عن طه عبد الرحمن بقدر ما هتكلم عن عمرو شريف لان طه عبد الرحمن لا يخرج من تصنيف المتكلمين اللى طائفة كبيرة منهم بتحاول التوفيق وتطويع الاشياء لتستقيم مع مفاهيمها بغض النظر عن حقيقة الاشياء
لكن عمرو شريف باعتباره دكتور درس طب 7 سنين فده لى معاه وقفات خصوصا بالمعلومات اللى ذكرها فى كتاب رحلة عقل عن دور القلب فى الادراك والعمليات المختصة بوظيفة العقل
اغلب المعلومات اللى ذكرها فى الفصل ده ممكن تسميها مجرد هرتلة لا تمس العلم لا من قريب ولا من بعيد كون انه يتكلم عن كهرباء القلب والمجال المغناطيسى للقلب محاولا ايهام القارئ بالنتيجة التى سيخلص اليها فى النهاية ان القلب مركز التعقل ده كله ممكن تعتبره كفتة زى كفتة عبعاطى مش اكتر
ثانيا هو مختلفش عن محاولات التطويع ولى اعناق الحقائق لتتوافق مع ما يعتقد حتى يواجه ظاهرة الالحاد (كالمتكلمين ) _من البدهى انك لما تيجى تواجه ظاهرة زى عدم الايمان (الالحاد ) بمعلومات تافهة زى دى مش هتنجح فى مسعاك وهعتبر انك مجرد بتسطح وتبسط القضية مش اكتر _
انا مش هتكلم عن النقد المفصل لكل ما ذكره الكاتبان لكن هنتقل لنقطة اشرت اليها قبل كده وهى التاويل
تاويل لاية “ام لهم قلوب يعقلون بها ”
طبعا مش محتاج اكرر ان وظائف العقل كلها تتم فى المخ والقلب مجرد عضو لا يسهم الا بقدر اسهام باقى الاعضاء فى الوعى ! اما عن تاويل الاية فانا هذكر تفسير كنت قرأته للدكتور عبد الكريم بكار قبل كده فى انكاره لتلك المسألة التى تعارض العلم المعاصر وكان تاويل مختصر جدا قال فيه ان القلب لا يدل على عضو القلب بالضرورة فالقلب معناه فى العربية باطن الشئ ولبه او باطن الثوب فتاويل القلب انه النفس او العالم الداخلى ولب الانسان هو اكثر استقامة وبيديك فضاء واسع بدل حصره فى عضو القلب
اعتبار القران(خصوصا ظاهر اياته كما تنادى بذلك السلفية وغيرها من الفرق ) النص المطلق فى العلم هو لجام كابح لتقدمنا وحجر عثرة فى طريق اى علم او معرفة لان القران ليس كتاب علوم ولو اخذناه على حرفه وظاهره وعلى غير قصده (الهداية ) لضللنا