اننا نعلم اننا نحتاج الى النوم. نعلم ان عقولنا واجسامنا تؤدى بطريقة افضل بعد قسط وافر من النوم. لكننا لا نعلم الى الان لماذا؟
لقد ابلغ العلماء عن أول سبب رئيسى لاحتياجنا للنوم —آليات غسل وتنظيف معينة تحدث بطريقة افضل فى الدماغ حين يتوقف المخ عن العمل. بالظبط كما تجوب شاحنات القمامة شوارع المدينة قبل بزوغ شمس النهار بسبب قلة حركة المرور, ايضا آليات تنظيف ادمغتنا تعمل بشكل افضل عندما تقل انشطة ادمغتنا.
“تلك الدراسة توضح ان المخ لدية حالات وظيفية مختلفة اثناء النوم و اليقظة ” ميكين نيدرجارد من جامعة روتشسترالقائم على تلك الدراسة صرح ان “فى الحقيقة ان طبيعة المخ لاستعادة حالته المنعشة يتضح انها نتيجة شطف وازالة المنتجات الجانبية الناتجة من النشاط الدماغى الذى يتراكم اثناء اليقظة”
لطالما عرفنا ان ادمغتنا توثق الذكريات اثناء النوم كما تقوم بوظائف مهمة اخرى. هناك ايضا منافع للجسم اثناء النوم — الارتياح اثناء النوم يتيح لعضلاتنا, وعظامنا, واعضائنا ان تعيد صيانة وتجديد انفسها. انه ايضا يبقى على النظام المناعى عفيا وسليما.
نحن نعلم ان النوم له كل تلك المنافع ولكن حتى الان لا نعرف ايا من تلك الاليات المحددة التى تسبب تلك المنافع.
تشارلز زيلر باحث فى النوم من كلية طب هارفارد اخبر ايملى اندروود من مجلة العلوم (science magazine) ان “هذا هو الدليل التجريبى المباشر الاول على المستوى الجزيئى” لسر احتياجنا للنوم.
تم نشر الورقة العلمية فى جورنال العلوم فى 17 اكتوبر2013
الخلايا المسمومة
ان كل خلايانا تراكم الفضلات اثناء عملها, تلك الفضت من الممكن ان تكون سامة. اذا لم يتم ازالتها فانها تتراكم وتقتل الخلايا. يقوم الجهاز الليمفاوى بشطف وازالة كل تلك الفضلات عبر اجزاء الجسم المختلفة, لكن المخ معزول عن تلك الالية وعن الجهاز اللمفاوى بفضل الحاجز الدموى الدماغى(BloodBrainBarrier )

المناطق البنفسجية هى القنوات التى يتم من خلالها يتم ضخ سائل المخ. بينما المناطق الخضراء تشير الى الخلايا الدبقية التى تتحكم فى تدفق السائل من خلال تلك القنوات.
اكتشف الفريق آلية تخلص المخ من الفضلات عام 2012 هذا الاكتشاف تم نشره فى the journal Science Translational Medicine . هذا النظام يعمل كنظام الصرف.
ان المخ نفسه يطفو بداخل سائل خاص اسمه السائل النخاعى والذى لا يختلط بالدم او النظام الليمفاوى فى الجسم. فى تلك الدراسة من العام الفائت وجدوا ان هذا السائل ينتقل من خلال قنوات خاصة لينظف المخ ويزيل فضلات الخلايا.
هناك نوعان من الخلايا فى المخ— Neurons تلك العصبونات التى ترسل اشارات وGlial cells تلك الخلايا الدبقية التى تحافظ على صحة العصبونات. لقد اكتشفوا ان تلك الخلايا الدبقية يبدو انها تشكل القنوات التنظيفية حول العصبونات.
انها تزيل البروتينات السامة من الجهاز الدورى فى المخ ومن ثم تنتقل الى الجهاز الدورى العام حيث يقوم الكبد بازالة تلك السموم.
الفئران النائمة
بعد دراسة تلك القنوات والممرات فى فئران مدربة على النوم على ميكروسكوب. وجد الباحثون ان هذا النظام اكثر فاعلية اثناء النوم بحوالى 10 مرات اكثر من فاعليه اثناء اليقظة.قام الباحثون بحقن تلك الفئران ببروتينات سامة ملونة ليشاهدوا النظام اثناء عمله — عندما كان الفئران نائمين تم ازالة تلك البروتينات السامة الملونة من الدماغ بسرعة مضاعفة عن تلك التى يتم بها ازالتها اثناء اليقظة.
فى دراسة حديثة وجدوا انه بينما ينام الدماغ, تتقلص العصبوانت بنسبة 60% مما يعمل على اتساع القنوات(التى كونتها الخلايا الدبقية) الموجودة بين تلك العصبونات ومن ثم تمتلئ بالسائل. ومن ثم تقوم الخلايا الدبقية بتفعيل نظام ضخ السائل النخاعى عبر تلك القنوات والفجوات وتعمل على ازالة وتنظيف المنطقة حول العصبونات.

عندما تنام الفئران,تتمدد القنوات(الزرقاء الباهتة) بين العصبونات وتمتلئ بالسائل لتزيل فضلات الايض الخلوى
عندما نستيقظ فان تلك القنوات تنعصر وتنغلق مرة اخرى بمجرد ما ان تعود خلايا العصبونات الى حجمها الطبيعى ومن ثم يعود السائل النخاعى مرة اخرى الى مكانه ليحيط بالمخ وليس بداخل قنواته. اثناء اليقظة تعمل تلك الالية بنسبة 5% من ادائها اثناء النوم.
ان حركة السائل داخل تلك القنوات يستهلك كمية غزيرة من الطاقة ولهذا السبب يعتقد العلماء انها تحدث بفاعلية فقط اثناء النوم. كل طاقة مخنا مستهلكة اثناء فترة صحونا بالانشطة الدماغية الاعتيادية والتى تساند كل شئ نقوم به — كل تحركاتنا, افكارنا, خلق الذكريات, تحليل الاشارات التى تدخل لنا عن طريق الحواس. عن طريق اغلاق تلك العمليات وابطالها اثناء النوم تصبح ادمغتنا قادرة على التحويل لنظام التنظيف.
طبيعة النوم
تلك السموم التى تزيلها تلك الالية اثناء النوم مسئولة نوعا ما عن الامراض العصبية الضمورية (neurodegenerative) كمرض الالزهايمر.ان ادراك طبيعة تلك الالية لا يساعدنا فقط على فهم حاجتنا الى النوم ومحاولة التحكم بها عن طريق الادوية ولكن من الممكن ان تقودنا ايضا الى طرق جديدة لمعالجة وتجنب تلك الامراض.
فى مقالة اعتبارية عن الدراسة فى مجلة العلوم اقترحت سوزانا هيركيولانو باحثة الدماغ فى الجامعة الفيدرالية بريو دى جانيرو ان تراكم تلك السموم هو ما قد يُفعّل رغبتنا فى النعاس ويجعلنا نعسانين.
الا انه فى الدراسة السابقة على الفئران تم ايقاظ الفئران بعد 60 دقيقة ولهذا لا نعلم بعد مقدار او نوع النوم الذى يحتاجه الانسان ليؤثر فى تلك العملية.
بالرغم من انه قد يبدو ان الحيوانات ذوات الادمغة الصغيرة تحتاج الى ان تنام اكثر من الحيوانات ذوات الادمغة الكبيرة امر مضاد للحدس الا انه من الممكن تفسيره. على سبيل المثال ينام الخفاش 20 ساعة باليوم بينما ينام الفيل 4 ساعات فقط لماذا؟ لان الادمغة الكبيرة لديها مساحات اكبر ليتم تجميع تلك السموم قبل ان تتراكم لتصل الى مستويات خطيرة تحتاج الى ان يتم ازالتها ع الفور.
ابلغ ميكين Business Insider عبر الايميل ان ” فهم طبيعة التغيرات الحادثة فى بناء الدماغ ووظيفته فى حالتى (النوم واليقظة) تعطينا لمحة عن انه يمكننا ام نبدأ فى التفكير فى كيفية التلاعب بتلك الحالتين ” طريقة التلاعب والتغيير قد تشمل طرق لوضع آلية التنظيف تلك فى حالة من النشاط المكثف بحيث نستطيع ان ننام بمقدار اقل. لكن اعتقد ان تلك الطريقة ما تزال تختفى فى لفائف المستقبل.
هذا المقال مترجم عن:
Scientists Have Finally Found The First Real Reason We Need To Sleep