فى الحكم على الشئ

قال المناطقة ان “الحكم على الشئ فرع عن تصوره ” بمعنى انك لا تستطيع الحكم على احد او شئ او حدث بدون معرفة كافية به وبحيثياته طبعا مش هشترط انك تعرف بالشئ موضوع الحكم معرفة كاملة متكاملة لانى ساعتها هبقى مجرد احمق بيطالبك انك تبقى اله بس على الاقل يبقى ليك معرفة بمبادئ واسس الموضوع زى بالظبط دراسة كالطب حاليا لم يتوصلوا لامراض كتير من حيث اسبابها وطريقة علاجها الناجعة اللى هتسيب المريض كما كان فى البداية فى امراض كتير بيبقى سببها الاول والرئيسى غير معلوم (Idiopathic ) الا انك مبتقفش فى مرحلة معالجتك لحالة عشان تستنى تعرف كل حاجة يكفيك انك تظهر بعض الاعراض اللى حضرتك هتشتبه فيها بمرض معين هتعمل تحاليلك اللازمة عشان تتاكد وتحاول تعالج الحالة بما هو متيسر
وطبعا كما يتطور الطب فالعملية المعرفية عند الانسان اللى اسمها الحكم على الشئ بتتطور كل يوم مع اكتشافات جديدة فى علوم معينة ودراسة حالات ادراكية عديدة عند الانسان … كل يوم يتطور وعى الانسان عما سبق وبالتالى يزداد قرب حكمه من الصواب تبعا للقانون المنطقى السابق ذكره
طبعا الحكم فى الاول والاخر بيبقى على شئ انت مؤهل انك تحكم عليه اما انك تتدخل فى حاجة متخصكش فدى اول مشكلة فى مسألة الحكم لان ببساطة محدش طلب رايك فى الموضوع الا ان دى مشكلة اجتماعية هتلاقيها منتشرة فى المجتمعات الصغيرة اكثر من المدينة (مش فى مصر بس ) وتتمثل فى الثرثرة والاشاعات وده فى الاول والاخر برجحه ان حياة افراد تلك المجتمعات فيها فراغ وركود بيحاولوا يملوه بمسألة الحكم على الاخر ناهيك ان تلك الثرثرة والاشاعات كثيرا ما تجانب الصواب وبيبقى ليها اكثر من رواية وغالبا مفيش واحدة منهم صح وصدق المثل القائل (الفاضى يعمل قاضى ) !!
اما الثرثرة والاشاعات دى بصنفها انها حكم على الشئ مع الجهل به الا انك مش مطالب برايك فى الاول والاخر لذلك هتلاقى النتيجة الناتجة من العملية دى هى مجرد تسلية والهاء والعامل الاكثر حسما اللى بيدلل على كده ان الناس بتتمسك بل وبتقتنع اكتر بالاحداث الاقرب للخيال منها للواقع وده يثبت ان العملية دى دوافعها النفسية بتبقى موجهة لخدمة المثرثرين انفسهم فى مواجهة الحياة الرتيبة والمملة وافتقادهم للحيوية والنشاط والتجدد اما الحكم على الشئ مع الجهل به فى امر يخصك او امر انت مطالب فيه انك تتخذ او تتبنى حكم معين فلا يخلو من تعصب والمبالغة لان الانسان بيجد ان افضل وسيلة للتعامل مع الفراغات المعرفية اللى بتقابله انه يملاها بنفسه بس فى مشكلة نفسية بتصاحب عملية ملأ الفراغ دى انك بمجرد ما بتدى لنفسك الحق انك تملأ الفراغات دى دى فى حد ذاته بتعتبره انجاز شخصى يصاحبه شعور بالامتلاك او انه جزء خاص منك عشان كده لما بتحاول تتعرف على المعرفة الحقيقية عن الموضوع بتواجهك صعوبة بالغة فى التخلى عن اراءك السابقة فى الموضوع كمان بتلاقى تعنت ومشقة لمجرد الهجوم عليه او انتقاده وتراها بشئ من ضعف البصيرة انها محاولة للنيل منك انت شخصيا
باالاسقاط على واقعنا المعاصر فى الحياة السياسة نجد ان واحد محتمل كبير انه يترشح للسياسة له تقدير شعبى مبالغ فيه تحوطه اسطورة قاهر الارهاب فى فيديو ليه كان بيحكى ليه هو مش قاهر الارهاب ولا حاجة وان ده مش من اختصاص الجيش لان ببساطة غير مدرب غير على القتل اما المسئول عن كده فهو الداخلية وقال فى نهاية كلامه انه ميقدرش يقول الكلام ده للناس (لانهم مش هيستوعبوه ) بس انا مش شايف ان ده مبرر كافى انك تسيب الناس فى التيه ده بحجة انهم مش هيفهموا (جرب مش يمكن يفهموا ) المستفيد الوحيد عن كشف الحقيقة دى هو نفسه لان كما وضح فوق ان كلما زادت الشخصية غموضا والتباسا ملأ الناس تلك الفراغات باحلامهم وامنياتهم طبعا هما حلمهم فى الخلاص حاليا وبصلاح الدين يفوق حلمهم بكل حاجة تانية عشان كده الاعلام بيساهم بغزارة فى تكوين تلك الاساطير الشعبية انه يطلعلك بمنشتات تقولك السيسى يقف فى وجه اوباما وامريكا وحاجات من دى كتير بتساهم فى صنع البطل الزائف الذى يتحول الى اله بكل سهولة حالة من التيه الشعبى مش هيقدر يخرجهم منها الا معجزة (هكذا يفكرون ) ومن قبلهم فكر الشيعة والاخوان وحلموا ان الامام مرسى هيرجع القصر بمعجزة ربانية اللى بيزيد الطين بلة ان الشعب ببساطة ميعرفش مين اللى هو بيرفعه لمرتبة اله ده لانه لو هيعرفوا على حقيقته هيكسر احلامه وطموحاته المتمثلة فى المخلص لو عرفوا من خلف تلك النظارات القاتمة لتغيرت نظرتهم المتفائلة (بزيادة للواقع ) ان الانسان لا يحتاج الى المخلص الا بقدر ما يكره تحمل مسئولياته بنفسه وتحمل عواقب تلك المسئوليات ‫

نُشرت هذه المقالة اول مرة بتاريخ 18-3-2014