السؤال الذى يلح علينا منذ قرون لماذاتأخر المسلمون وتقدم غيرهم ؟(هو عنوان كتاب لشكيب ارسلان لكن طرحه للمسألة توصيفى وليس تعليلى بمعنى ان الاسباب التى يعتبرها من اسباب التاخر هى اعراض ظاهرية وليست اسباب حقيقية كامنة )
الا ان الاجابات الان ليست تخفى عن الكثيرين لكن ساعرضها فى اخرالمقال
احد الركائز الاساسية التى يبنى عليها الجابرى فى العقل المستقيل هو العقل الهرمسى الباطنى الذى يتأول فى الظاهر ماليس فيه بل ويمد افاقا وخيالات واسعة فى مجال الميتافيزيقا والباطن وينسب الجابرى كل هذا الى التاثر بعوامل خارجية الا ان الظاهرة التى لم يهتم بها الجابرى والتى راى طرابيشى فى مشروع نقده لمشروع الجابرى اهميته واهمية الاشارة اليه هى المعجزات التى يراها غائبة عن مجال الدراسة لكنها حاضرة فى مأساة التخلف والركود كعامل من العوامل المقيلة للعقل !!
# القضية الاولى : هل للنبى محمد معجزات ؟
هذا سؤال له اجابة بديهية عند الاغلب الاعم من العامة والخاصة عند المسلمين يرى طرابيشى بنظرة اخرى للقرآن رؤية تخالف السائد والشائع ويتوصل لنتيجة مفادها ان النبى محمد (نبى بلا معجزة )
ومن اهم الاثباتات التى ذكرها للتدليل على تلك النتيجة (من القرآن فقط باعتباره اوثق من اى نص اخر ومقدم عليه ) : “وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون ” او “قل إنما الآيات عند الله وإنماأنا نذير مبين ” وكانت تلك الايات وما يشابهها ردا على مطالب فئتين هما مشركى مكة التى وصفها (بمطالب مادية ) “فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين ” او ” وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الارض ينبوعا “او مطالبتهم بالجنان او كما ذكر الواحدى فى اسباب النزول (يا محمد فإن كنت غيرقابل منا ما عرضنا عليك، فقد علمت أنه ليس أحد من الناس أضيق منا بلاداً، ولا أقلمالاً، ولا اشد عيشاً منا، فاسأل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك به، فليسيّر عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا، وليبسط لنا بلادنا، وليفجّر فيها أنهاراً كأنهار الشام والعراق)
او مطالب الكتابيين اليهود والنصارى (مطالب لاهوتية ) قالوا “لولا نزل عليهالقرآن جملة واحدة ” كما نزلت التوراة فى سيناء او ينزل فى قراطيس كقراطيس الانجيل !!
ايضا المطالب بنزول آية (معجزة ) كطبيعة المعجزات التى تملأ الانجيل والتوراة
“وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون ”
لكن الله لم يستجب لتلك المطالب كما طالب بها هؤلاء بل اعرض عنها و علل ايضا عدم انزال تلك المعجزات
1- التعليل بالتكذيب : ومعناها ان الرسل الذين جرت على ايديهم المعجزات تم تكذيبهم ايضا
*”كذبت عاد المرسلين ” “كذبت ثمود المرسلين ” كذبت قوم نوح المرسلين ” ” وما تغنى الايات والنذر عن قوم لا يؤمنون ”
2- التعليل بالتأويل السحرى : ومعناها ان الاقوام الذين ظهرت لهم الايات قالوا”ان هذا الا سحر مبين ” ولم تساعد الايات والمعجزات فى ايمانهم”فلما جاءهم موسى باياتنا قالوا ما هذا الا سحر مفترى ”
3- التعليل بالتعذيب : كما توعد الله من قبل لمن كذب بالايات بعد رؤيتها “قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ” او كما جاء فى السيرة الحلبية (ان الله خيره بين ان يعطيه جميع ماسألوا وانهم ان كفروا بعد ذلك استأصلهم بالعذاب كالامم السابقة وبين ان يفتح لهم باب الرحمة والتوبة فاختار الثانى لانه يعلم انهم معاندين وان كذبوا فسيستاصلهم العذاب )
4- عدم العلية والنجاعة اذ ان الهدى والضلال باذن الله ” من يهدى الله فهو المهتدى ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ”
5-التعليل بالايات الكونية : والتى يدعو فيهاالقران فى اغلب اياته وسوره المكية بان يجيلوا النظر فى الكون والنظر فى الاء الله وعظمة اياته
#القضية الثانية “:تضخم المعجزات
بعد ذلك وبعد الحقائق القرانية تلك ياتى على ظاهرة تضخمية لتلك المعجزات بعد ان اثبت بايات القران انها غير موجودة يرصد فى كتب التاريخ والسيرة ان المعجزات اصبحت فى كتاب عيون الاثر (لابن سيد الناس ) لا تتعدى ثلاث صفحات ! الا انها زادت فى السيرة الحلبية لتشغل 25 صفحة ثم تتضخم التضخم الاعظم عند ابن كثير مؤلف البدايةوالنهاية لتصل الى 235 صفحة
يقول طرابيشى ” ليس يصعب على مستقرئ كتب السيرة هذه ان يلاحظ ان باب معجزات النبى فيها يخضع خضوعا شبه ميكانيكى لقانون التضخم طرداً مع مرور الزمن.فأقدم السير التي وصلتنا، وربما أقربها إلى الحقيقة التاريخية، أو أقلها بعداً عنها، وهي سيرة ابن هشام التي تعود إلى مطلع القرن الثالث الهجري، لم تذكر للرسول من معجزات سوى عشر حصراً ” **
بعد قرنين تلاحظ انها بعد ان كانت 10 عند ابن هشام تجدها اصبحت 40 عند الماوردى وتتضخم تفصيليا عند البيهقى المعاصر للماوردى كما ان بعض المعجزات كانت لها توظيفا سياسيا فى زمن كانت السياسة تتكلم اولا ثم تلتمس التبرير بعد ذلك فى ما يتجاوزهاكالدين وميتافيزيقيا المعجزات
كمعجزة زيد بن خارجة «زيد بن خارجة الأنصاري توفي زمن عثمان بن عفان فسجّي في ثوبهثم أنهم سمعوا جلجلة في صدره ثم تكلم ثم قال: أحمد أحمد في الكتاب الأول، صدق صدق أبو بكر الصديق الضعيف في نفسه القوي في أمر الله في الكتاب الأول، صدق صدق عمر بنالخطاب القوي الأمين في الكتاب الأول، صدق صدق عثمان بن عفان على منهاجهم، مضت أربع وبقيت اثنتان، أتت الفتن وأكل الشديد الضعيف وقامت الساعة» طبعا مع الفتنةالكبرى وتشتت الناس بين شيعة وخوارج وموالين لمعاوية ***لا تجد افضل من تلك المعجزات لتفصل فى المسألة ,انها بمثابة فصل الهى !!
ومن امثلة ما يبرر للواقع السياسى الذى يرفضه الاخرين كمقتل الحسين مثلا تجد تنبؤابـ(علم الغيب الذى لا يعلمه الا الله ) بمقتل الحسين ان تلك الروايات تضيف بجانب طابعها الجبرى الاموى طابع التسكين السياسى ان هذا التقتيل والذى تلاه من مجازر انما اراده الله ولا ذنب لمن اجرى الله على يديه تلك المجازر !!
يورد ابن كثير رواية ثانية عن أم الفضل بنت الحارث، مرضع الحسين، جاء فيها أنها بعد أن أرضعت الحسين ووضعته في حجره «حانت منها التفاتة، فإذا عينا رسول اللّه (ص)تهريقان الدموع، فقالت: يا نبي اللّه، بأبي أنت وأمي، ما لك؟ قال: أتاني جبريل فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا. فقالت: هذا؟ قال: نعم، وأتاها بتربة من تربته حمراء»
تطورت المعجزات ايضا بتطور الوضع السياسى “يبقى أن نقول إن قائمة النبوءات النبوية المسيَّسة عند ابن كثير تتطاول لتغطي ليس فقط زمن الصحابة، بل كذلك زمن التابعين وتابعي التابعين، لتتنبأ ليس فقط بقيام الدولة الأموية وسقوطها، بل كذلك بمجيء آلعباس وقيام دولتهم وصولاً إلى عهد المأمون الذي يروي ابن كثير بصدده نقلاً عن ابن مسعود أن الرسول قال: «السابع من ولد عباس يدعو الناس إلى الكفر فلا يجيبونه،فيقتله عدو له من أهل بيته من بني هاشم. وهذا الحديث ينطبق على عبد اللّه المأمون الذي دعا الناس إلى القول بخلق القرآن»”
هذا من المنظور السنى للمعجزات الا ان التفاتة على المنظور الشيعى تلقى الضوء المفصل على عليّ بن ابى طالب المسكوت عنه فى المنظور السنى
يقول طرابيشى بحروف بارزة ” أن حدود العقل الديني تقف عند حدود العقول الدينية الأخرى، كما في مثال الديانات التوحيدية الثلاث التي يكاد يكون شغلهاالشاغل تكذيب بعضها بعضاً، بل كذلك الدليل على أن حدود العقل الديني الواحد تقف أيضاً عند حدود كل طائفة من طوائفه التي تعتمد بدورها استراتيجية التكذيب المتبادل. بل نستطيع أن نذهب إلى أبعد من ذلك فنقول: لئن يكن العقل الديني هو أقل العقول الكونية عقلانية، فإن المقارنة نفسها تبيح لنا أن نستنتج أن العقل الطائفي هو بدوره أقل العقول الدينية عقلانية ”
وهنا نقطة مهمة فى اصول الترأس والسيطرة السياسية واثره على المعجزات “وربماكان ذلك يعود إلى أن استئثار الغالبية السنية بالسلطة السياسية على مدى القرون قد ترتب عليه التزام أكبر بقيد الواقعية، على حين أن استبعاد الأقلية الشيعية من حقل الفاعلية السياسية ـ إلا في حالات محدودة وجزئية ـ قد ألجأها إلى الإيغال ـ على سبيل التعويض ـ في عالم الخيال. فالخيال هو واقع من لا واقع له. وهذا ما يمكن استقراؤه بسهولة من أدبيات المعجزات الشيعية التي تتسم ـ فضلاً عن مركزية الحضورالعلوي فيها ـ بدرجة من الغرائبية أعلى بكثير . ”
#القضية الثالثة : المعجزات السنية
بالرغم من ان طرابيشى اسهب كثيرا فى المعجزات الشيعية الا اننى لن اعقب عليها ولن اناقشها من الاساس بل ساكتفى بمحتوى المعجزات السنية (لان طرابيشى لم يهتم بها هى ومعجزات المتصوفة بقدر اهتمامه بالشيعية ) والاخص منها التى تمس مجال الفقه والاحكام وهنا اذكر افتتاح الحلبى لسيرته «لا يخفى أن السير تجمع الصحيح والسقيم،والضعيف والمرسل والمنقطع والمعضل… وقد قال الإمام أحمد بن حنبل وغيره من الأئمة: إذا روينا في الحلال والحرام شددنا، وإذا روينا في الفضائل ونحوهاتساهلنا. وفي الأصل: والذي ذهب إليه كثير من أهل العلم الترخص في الرقائق وما لاحكم فيه من أخبار المغازي وما يجري مجرى ذلك، وأنه يقبل منها ما لا يقبل في الحلال والحرام، لعدم تعلق الأحكام بها»
فهنا يقرون انهم لا يتساهلون فى امور الحلال والحرام الا ان ما يدعم او ينفى عندهم الحلال والحرام سيجرى حكمه مجرى الرقائق اى سيتساهلون ويترخصون فيه كما سنبين بعدذلك لكن قبل ان اتخطى امر المعجزات الشيعية دعنى اتوقف عند المعجزة التى حدثت للامام زيد بعد مقتله !
بعد مقتل الإمام زيد في المواجهة مع الجندالأمويين نبش قبره واستخرج جثمانه، ففصل رأسه عن جسده، وبُعث به إلى الشام،فأمر هشام بن عبد الملك بأن يطاف به في البلدان ليكون عبرة. وقد نصب الرأس في المدينةأمام قبر الرسول، ثم في الجامع الأعظم في مصر قبل أن يؤخذ ويدفن سراً. أماالجسد فصُلب في كناسة الكوفة عارياً فجاءتَ العنكبوت ـ في معجزة ـ تنسج الخيوط على عورته لتسترها،وكلما أزاحوا تلك الخيوط جاءت لتنسج غيره
ان الرد المنطقى على تلك الكرامة او المعجزة ان المعجزة التى تستطيع تغطية عورته هى بالضرورة قادرة على انقاذه من الموت وان قتله اشنع من عريه قد يستخدم السنى هذا المنطق بسهولة ليرد على الشيعة معجزتهم كما اجتهد ابن كثير فى الرد على معجزة تاخر الشمس فى الغياب حتى يتسنى لعلى ابن ابى طالب ان يصلى قبل ان تغرب ( راجع هوامش كتاب المعجزة او سبات العقل فى الاسلام ص57 هامش رقم 29 والهامش رقم 50 ص71 )
تلك المعجزة الشيعية لها مقابل سنى حكاها فى طبقات الحنابلة القاضى ابى يعلى عن سليمان السجزى عن محنة الامام احمد بن حنبل يقول سليمان السجزي:”…… فأخرج أحمد بن حنبل من ثيابه، وائتزر بمئزر من الصوف، وشدَّ في يديه حبلان جديداً، وأخذالسوط في يده، وقال: أضربه يا أمير المؤمنين؟ فقال المعصتم: اضرب؛ فضربه سوطاً،فقال أحمد: الحمد لله؛ وضربه ثانياً، فقال: ما شاء الله كان؛ فضربه ثالثاً: فقال:لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؛ فلما أراد أن يضربه السوط الرابع نظرت إلى المئزر من وسطه قد انحل، ويريد أن يسقط، فرفع رأسه نحو السماء وحرك شفتيه، وإذاالأرض قد انشقت، وخرج منها يدان فوزرتاه بقدرة الله عز وجل، فلما أن نظر المعتصم إلى ذلك قال: خلوه؛….. ”
طبعا قضية المحنة من منظور عقلانى خالى من تلك الخرافات تجده عند الجاحظ الذى كان يحضر تلك المحاكمة وبالاضافة الى قضية المحنة تلك تجد فى اثناء بحثك على جوجل قصص كثيرة فى سياق كرامات الامام احمد
لا تتوقف طبعا المسحة الاعجازية عند احمد بن حنبل بل تمتد الى باقى الاطراف المتصارعة فى مجال الفقه وليس السياسة فتجد الشافعى مثلا أن أمه لما حملت به رأت المشتري يخرج من فرجها كما تجد ان مالك امه حملت به 3 سنوات ****
وكذلك المرويات الاخبارية المروية عن الرسول لم تخلو من التاثر بهذا الصراع الفقهى”
عندما يكون مدار النبوءة حول شخصيات ليس لها صفة سياسية مباشرة. ومن هذا القبيل النبوءات التي تنتصر لمؤسسي المذاهب الفقهية، ومنهاتلك التي فيها ـ على حد تعبير ابن كثير ـ «إشارة إلى مالك بن أنس الإمام» في الحديث المشهور: «يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم فلا يجدون أحداً أعلم من عالم المدينة»، أو التي فيها «إشارة إلى محمد بن إدريس الشافعي في الحديث الذي لا يقل شهرة: «لا تسبوا قريشاً فإن عالمها يملأ الأرض علماً» ”
طبعا لا يُقارن التراث الشيعى والسنى من محتوى الغرائبية او كثرتها وتعددها لان”ولئن لم يطور الإسلام السني ـ إلا فيما ندر ـ معجزات إضافية على المعجزات النبوية فلأنه لم يكن بحاجة إلى إنجاز قفزة سحرية فوق الواقع الذي كانه واقعه ،وهذا على العكس من الإسلام الشيعي الذي ما كان له أن يستمر لولا رهانه على المعجزةالتي من شأنها أن تقلب ميزان القوى وأن تخترق الجدار الفولاذي لواقع غير قابل للاختراق . وبمعنى من المعاني، وبقدر ما أن المعجزة هي خرق لقوانين العقل والواقع،وبقدر ما أن العقلانية هي ـ في مظهر رئيسي من مظاهرها ـ قدرة على التكيف مع الواقع، فقد كان في مستطاع الإسلام السني، المتوافق مع واقعه كأكثرية غالبة، أن يجيز لنفسه، حتى وهو يمارس منطق المعجزة، التقيد بدرجة من العقلانية لا يستطيع أن يقيِّد بها نفسه الإسلام الشيعي غير المتوافق مع واقعه كأقلية مغلوبة. ومن هناكانت قصص المعجزات الإمامية الشيعية أكثر إيغالاً في الغرائبية وفي النزعة السحرية من قصص المعجزات النبوية السنية”
كما قلنا ان علماء السنة لا يدققون فى تقبلهم للاخبار الغرائبية اذا جاءت من باب الزهد والرقائق لكن ما لاحظته انهم ايضا فى بعض الاوقات يلجئون لترجيح مذهب فقهى على اخر بتلك الغرائبيات لانها تلعب دور الفيصل كما سبق واوضحنا
واليكم جانب من المعجزات السنية الفقهية :
قال أبو عبد الله محمد بن إسماعيل التيمي في شرحه لصحيح مسلم:
قرأت في بعض الحكايات أنَّ بعض المبتدعةحين سمع قول النبي صلى الله عليه وسلم : «إذااستيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها، فإنه لا يدري أين باتت يده»([29]).
قال ذلك المبتدع على سبيل التهكم: أناأدري أين باتت يدي، باتت في الفراش!
فأصبح وقد أدخل يده في دُبره إلى ذراعه..!
وقال القاضي أبو الطيب:
كنا في مجلسٍ بجامع المنصور، فجاء شاب خراساني،فسأل عن مسألة المصراة، فطالب بالدليل، حتى استدلَّ بحديث أبي هريرةالوارد فيها، فقال(وكان حنفيًا): أبو هريرة غير مقبول الحديث.
فما استتمَّ كلامه حتى سقطت عليه حيَّةعظيمة من سقف الجامع، فوثب الناس من أجلها، وهرب الشاب منها، وهي تتبعه، فقيلله: تب،تب.
فقال: تبت، فغابت الحية، فلم يُرَ لهاأثر..!
قال الذهبي: إسنادها أئمة ([32]).
وقال قطب الدين اليونيني:
بلغنا أنَّ رجلاً يُدعى «أبا سلامة»من ناحية بصري كان فيه مجون واستهتار، فذُكِر عنده السواك وما فيه من الفضيلة فقال:والله لا أستاك إلاَّ في المخرج – يعني دبره – فأخذ سواكًا فوضعه في مخرجه ثم أخرجه.. فمكث بعده تسعة أشهر وهو يشكو من ألم في البطن والمخرج..!
فوضع ولدًا على صفة الجرذان له أربعةقوائم ورأسه كرأس السمكة، وله دُبر كدُبر الأرنب، ولَمَّا وضعه صاح ذلك الحيوان ثلاث صيحات،فقامت ابنة ذلك الرجل فرضخت رأسه فمات، وعاش ذلك الرجل بعد وضعه له يومين، ومات في الثالث، وكان يقول: هذا الحيوان قتلني، وقطَّع أمعائي.
وقد شاهد ذلك جماعة من أهل تلك الناحيةوخطباء ذلك المكان، ومنهم من رأى ذلك الحيوان حيًّا، ومنهم من رآه بعدموته([33]).
هل لاحظت التحيز الفقهى فى بعض تلك المعجزات ؟!
لماذا ننحو الان الى تمثل بعض تلك المعجزات او نصطنع اخرى ؟
لان”عندما تكون الثغرة كبيرة إلى هذا الحد بين الاعتقاد والواقع فإنه لا يمكن ردمها إلا بالمعجزة ومنطق المعجزة”
وان كان تعريف المعجزة كما قال السيوطي «إعلم أن المعجزة أمر خارق للعادة…»
وكما يقول الشاطبى فإنه «لا معنى للمعجزةإلا بعد تقرير اطّراد العادة». والحال أنه إذا كان خرق العادة هو المطّرد، فعندئذ لا يعود للمعجزة من معنى، وتخسر تمام وظيفتها كواسطة لإثبات النبوة وللإلزام بالاعتراف بها.
ان تضخم مسار المعجزات لهو اكبر دليل على عبثية الاستدلال بها
كما يذكر جان جاك روسو فى دين الفطرة مؤكدا على ذلك “بقى علينا ان ننظر فى اهم نقطة تتعلق بفحوى الرسالة بما ان الذين يقولون ان الخالق يفعل المعجزات فى الدنيا يزعمون ان الشيطان يقلدها احيانا ويأتى بخوارق مدعومة باقوى الشهادات وهنا نراوح مكاننااستطاع سحرة فرعون ان ياتوا بالمعجزات نفسها التى قام هو بها بامر خاص من ربه ماالمانع اذن فى غيابه ان يدّعوا مأموريته على الاساس نفسه وهكذا بعد ان اثبتنا الدعوة بالمعجزة نجد انفسنا مضطرين الى اثبات صحة المعجزات بصحة الدعوة مخافة ان نضل ونظن ان فعل الشيطان من عمل الخالق هذا دور ***** واى دور ما رأيك فيه يا ولدى ؟ :”
اما اجابة على السؤال الذى ابتدأنا به الكلام فالبديهى تقدم غيرنا لانهم تمسكوا بالعلم التجريبى فى مجال العلم والديمقراطية فى مجال الحكم ولم يتمسكوا مثلنا بالخرافات التى تلغى العقل (و تهدم اسس العلم التجريبى )وتقيله من منصبه كناقد ومدقق ومصحح للاخطاء بل ايضا لم يتمسكوا بالاستبداد والحاكم الظالم الذى يضمن كرسيه بتجهيل وتغييب شعبه والذى يهمه ان لا يخرج احد عن طوق العقل المحابى للسلطة المؤيد لها
وكما يشير الى ذلك على عزت بيجوفتش “فلا توجد معجزات سوى تلك التى يحققها الناس بواسطة العلم والعمل ولا وجود للمهدى المنتظر الذى سيخلصنا من اعدائنا ويقضى على الشقاء وينشر النور والرخاء بعصا سحرية وما ركوننا الى ذلك الا تعبيرا عن كسلنا او على الارجح هو تعبير عن امل زائف نشأ من شعور باليأس عندما نكون فى وضع تفوق فيه المشكلات والصعوبات التى تواجهنا كل ما لدينا من وسائل وامكانات لمعالجتها”
ويطيب لى ان اختم بهذا الاقتباس
“يميل العرب إلى خداع أنفسهم و خداع غيرهم.. وهم يقومون بذلك عن غير عمد.. إنهم يعيشون في عالم من الأوهام كالذي يتعاطى الحشيش ليوهم نفسه بأنه يعيش في الفردوس… ويميل العرب إلى التحدث عن أمجاد الأجداد مثل صلاح الدين ومعارك حطين واليرموك.. وحينما يفعلون ذلك فإننانبتسم لأنهم يرون أنفسهم في مرآة الماضي، أما نحن فإننا نراهم في مرآة الحاضر..ليتهم يسألون أنفسهم لماذا يتحدثون دومًا عن عظماء ماضيهم ولا يجدون في حاضرهم أحدًا من العظماء يتحدثون عنه؟!”.
موشيه ديان فى اثناء حرب النكسة1967
*هذا الامر مؤكد فى الف موضع فى التوراه نقرأ فى الفصل ال13 من كتاب التثنية ما يلى : “ان جاءكم نبى يدعو الهة غرباء ودعم دعواه بخوارق حتى ان حدث ما تنبأ به لا تظهروا له الاحترام بل اقتلوه ” ويضيف عبدالله العروى عندما كان الوثنيون يفتكون بالحواريين اذ كانوا يبشرون بمجئ اله غريب ويستدلون على صحة رسالتهم بالنبوءات والمعجزات لا ارى اى حجة قوية يمكن ان يجابهوا بها ولا يستطيعون ردها علينا فى الحين ما الحل فى مثل هذا الوضع ؟ الاحتكام الى العقل وحده والاعراض عن الخوارق كان اجدى للجميع العدول عنها بالمرة هذا هو الرأى السليم الذى لا يخفى على احد الا بايراد تفريعات اقل عيوبها انها فى غاية اللطافة والدقة
تفريعات فى النصرانية ؟ اذن اخطأ المسيح عندما استهل اجمل خطبة له بالثناء على البسطاء ضعاف العقول ان كنت احتاج كى ادرك رسالته والايمان بها ان اكون ذا فطنة فائقة عندما تقنعونى بالبرهان ان على ان ارضخ لما تدعوننى اليه تستقيم الامور .لكن لكى تقنعونى بالبرهان عليكم ان تكونوا فى مستوى عقلى يجب ان يكون استدلالكم على قدر فهم من فكره بسيط ضعيف والا كيف لى ان اعرف انكم من اتباع امامكم وتبشرون فعلا بمذهبه . للاستزادة انظر المقطع 123-126 فى كتاب دين الفطرة لجان جاك روسو ترجمة عبدالله العروى
** تستطيع العودة الى كتاب المعجزة او سبات العقل فى الاسلام صـ33
***لماذا تم ذكر موالاة معاوية بدل ذكر فرقة أهل السنة و الجماعة ؟
لان الفرقة كفرقة ايدولوجية نشأت كباقى الفرق عن صراع سياسى ولم يتم التنظير لها وتكوينها وتسميتها بأهل السنة والجماعة الا بعد سنوات من النقاشات والكتابات والمراجعات والتنظيرات
وسبب قولنا انها فرقة الموالين لمعاوية هو سبب تاريخى لانه فى عام 41 هجرية وبعد تنازل الحسن عن الحكم لمعاوية كانت هناك ردود فعل سياسية عن هذا الحدث فالذين رفضوا كانوا الخوارج والشيعة اما الذين باركوا هذا الفعل فاجتمعوا تحت مسمى اهل الجماعة فقط اما اكتسابها لاسم السنة بالاضافة للجماعة فكان استخدامهم الاحاديث كنظام معرفى لتبرير ومحاباة السلطة وهذا فعل لم يصرحوا به الا انه كان منهجهم وسلاحهم لتبرير وتشريع ومقابلة ما يدعيه الشيعة و الخوارج من اثار تدين جرائم االامويين بأدلة من جنس ادلة الشيعة والخوارج
**** يعد طرابيشى قصة الامام مالك والذى يُذكرفيها ان امه حملت به 3 سنوات معجزة الا ان نظرة على الفقه فى باب الحمل توضح انه ليس فعل خارق للعادة بل هو دليل فقهى لا اكثر ولا اقل والدليل على ذلك الائمة الكثيرون الذين يذكرون ان مدة الحمل قد تصل الى 4 سنوات او اكثر انها فعلا لو كانت معجزةكما قول طرابيشى للزم القول انهم يعرفون قطعا مدة الحمل الطبيعية وهذا لم يحدث بل حتى يدعموا تلك المقولة تجد الفقهاد وقتها يبررون ان المنى (ماء الرجل ) قد يستمر بقاؤه فى الرحم سنين وهذا لا يحدث ايضا بسبب حدوث الدورة الشهرية عند المرأة وموت الحيوانات المنوية بعد فترة اما العلم الطبى القطعى فيثبت ان تلك المسألة الفقهية خاطئة لان مدة الحمل ان زادت او قلت (عن 9 شهور ) ففيها مخاطر على الام والجنين
كما انهم لو كانوا يعرفون المدة الطبيعية للحمل لقلنا ان تشريعهم هذا حض صريح على الزنا وانهم يحبون ان تشيع الفاحشة فى الذين امنوا لانهم يبررون بتلك الاحكام للرجل الذى غاب عن زوجته سنين وعاد فوجدها حامل او انجبت طفل بعد ان سافر بسنوات ان هذا طبيعى مع انه ليس كذلك والام وحدها تعرف ان ابنها من سفاح وللاسف كم من فقيه استدل على تلك المسألة بتجربته الشخصية ان امه حملت فيه سنوات!!!
***** الدور (diallele) هو ان تستشهد بامر لا يصح الا بصحة ماتريد اثباته المعجزة تدل على صدق الرسالة لكن المعجزة لا تُميز عن السحر
تحميل الكتاب : المعجزة أو سبات العقل فى الاسلام